عندما التحقت بمجلس الشيوخ عام 1973 كانت صياغة سياسة نووية أمرا يتطلب إتقان مسائل معقدة؛ مثل الاستقرار النووي، ونظرية الردع. وبنهاية الحرب الباردة، والعلاقة الجديدة التي نشأت بين دولتنا وروسيا، لم تعد تلك المسائل -لحسن الحظ- تهيمن على الخطاب العام. فاليوم نجد أن خطر نشوب حرب نووية عالمية عن عمد، قد زال أو كاد، غير أن ذلك لا يمنع من القول إن التهديدات النووية التي نواجهها اليوم من الإرهابيين والدول غير النووية الساعية للحصول على مثل هذه الأسلحة، قد باتت أخطر مما كانت عليه من قبل. يوم الثلاثاء الماضي، اتخذ الرئيس أوباما خطوة مهمة نحو معالجة هذه التهديدات من خلال الإعلان عن خطة سوف تؤدي إلى تقليص دور الأسلحة النووية في استراتيجية أمننا القومي، مع ضمان بقاء ترسانتنا النووية في الآن ذاته سالمة، وآمنة وفعالة، لأطول فترة ممكنة نحتاج فيها لتلك الترسانة. وهذه الخطة المسماة "مراجعة الموقف النووي" تلقي الضوء على استراتيجية مدعومة بالإجماع من قبل مجلس الأمن القومي الأميركي، وتهدف لتحقيق قدر أكبر من الوقاية والأمن من المخاطر النووية، وتعمل على تنفيذ الأجندة التي عرضها أوباما في براغ منذ ما يزيد على العام، لمنع انتشار الأسلحة النووية والسعي لتحقيق سلام وأمن العالم، بدون وجود تلك الأسلحة. والاستراتيجية الجديدة، والتي تختلف اختلافا بينا عن تلك الواردة في وثيقتي "مراجعة الموقف النووي" السابقتين اللتين تم إعلانهما عامي 1994 و2001، تتجاوز نمط التفكير الذي كان سائداً إبان الحرب الباردة. فهي تعترف بأن أكبر تهديد يواجه الأمن القومي للولايات المتحدة والأمن العالمي على حد سواء لم يعد هو المواجهة النووية بين الدول، وإنما الإرهاب النووي الذي يشكله الإرهابيون، وانتشار الأسلحة النووية لدى عدد متزايد من الدول. من الآن فصاعدا، سوف يتعين على القرارات التي نتخذها بشأن عدد الأسلحة التي نمتلكها، والكيفية التي يتم نشرها بها، أن تأخذ موضوعي حظر الانتشار والإرهاب المضاد في حسبانها، بدلا من قيامها فحسب على هدف الردع الثابت. وتشتمل وثيقة المراجعة على بيان للسبب المنطقي لإجراء التخفيضات المدعو إليها بموجب اتفاقية "ستارت" الجديدة -خفض بنسبة 30 في المئة عن الاتفاقية السابقة. فبسبب التقدم الذي حدث في القدرات والتقنيات التقليدية مثل الدفاع الصاروخي، أصبح عدد الأسلحة النووية اللازمة لردع الأعداء وحماية الحلفاء، أقل كثيرا من العدد الذي كنا نحتاج إليه منذ عقد من الزمان. فبموجب الوثيقة الجديدة سوف نستبقي فقط تلك الأسلحة التي تلبي احتياجاتنا الأساسية فحسب. تؤسس تلك الوثيقة أيضا لسياسة تقوم على أن الولايات المتحدة، والتزاما منها بتعهداتها في حظر الانتشار النووي، لن تستخدم الأسلحة النووية، ولن تلجأ للتهديد باستخدامها ضد دول غير نووية، طالما أن هذه الدول أعضاء في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. ومثل هذا النهج يوفر حافزاً إضافياً لتقيد الدول على نحو تام بتقاليد حظر الانتشار النووي. أما هؤلاء الذين لن يتقيدوا بذلك فسوف يكونون أكثر عزلة وأقل أمنا. وإتمام "مراجعة الموقف الاستراتيجي" القائم على أساس الالتزام بتحقيق الأمن الأميركي، سوف يحقق الحماية لنا ولحلفائنا من التهديدات النووية بشكل أفضل، وهو ما ينطبق أيضاً على توقيع اتفاقية "ستارت" الجديدة. وقمة الأمن النووي غير المسبوقة التي سيقوم الرئيس باستضافتها الأسبوع المقبل -من خلال تركيزها على تأمين المواد النووية المعرضة للخطر حول العالم خلال أربع سنوات- سوف تساعد على تعزيز هذه الأهداف بشكل أفضل. وفي الوقت نفسه يتعين القول إن الرئيس عاقد العزم على ضمان أن تكون أسلحتنا سالمة وآمنة وفعالة. وهذا على وجه التحديد، هو السبب الذي دفعه لمطالبة الكونجرس بزيادة التمويل المخصص لمجمعنا النووي بمقدار 5 مليارات دولار، على مدى خمسة أعوام، وهو ما سيتيح لنا الفرصة لتطوير منشآتنا العتيقة واستقطاب واستبقاء العلماء والمهندسين ذوي المهارة العالية المطلوبين لإدارة هذه الترسانة والمحافظة عليها. وخطتنا هذه تعكس مسار اتجاه استمر عقداً كاملا شاهدنا فيه تآكلا مستمراً في سياسة دعم مختبراتنا الوطنية. والالتزام الجديد سوف يضمن أن تظل ترسانتنا جاهزة على الدوام. ونستطيع تحقيق هذه الأهداف، مع المحافظة في ذات الوقت على الحظر الذي يعود لعقدين تقريباً المفروض على إجراء التجارب النووية، والاستمرار في جهودنا للتصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. وعلى الرغم من أننا لن نقوم بتطوير رؤوس حربية جديدة، أو نضيف قدرات عسكرية في الوقت الذي نقوم فيه بتدبير شؤون ترسانتنا في المستقبل، إلا أننا سنستمر مع ذلك في السعي لتحقيق برامج فترة حياة هذه الأسلحة بحيث يمكننا المحافظة على الأسلحة التي نستبقيها لدينا لأطول فترة ممكنة. وهذه المقاربة تحظى بدعم واسع النطاق، باعتبارها، وكما قال وزير الدفاع جيتس في مقدمة وثيقة "مراجعة الوضع النووي"، تمثل "خطة تحديث موثوق بها ولازمة لإدامة البنية النووية وتعزيز قدرة أمتنا على الردع". لقد قدم الرئيس، وأنا كذلك، وعداً للشعب الأميركي بحمايته من الأخطار النووية. وليس لدينا في الوقت الراهن التزام أكبر من هذا الالتزام. واستراتيجيتنا المزمعة تسهم في إنجاز هذا الوعد، كما تسهم أيضاً في معالجة أخطر التحديات التي يواجهها كوكبنا وأكثرها مُباشَرةً. جو بايدن نائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة" إم. سي. تي إنترناشيونال"